Ancien Ambassadeur

حدت بمحض الصدفة ؟

حدت بمحض الصدفة ؟

كثيرا ما تساءلت عن سر توجهي التلقائي نحو أناس بعينهم أناس يعملون بقلوبهم قبل عقولهم ، يبادلونك المحبة الصادقة من أول وهلة بعفوية الفنان وبإحساس الشاعر وببراءة المبدع رغم أن بعضهم كثيرا ما يطغى على سلوكهم نوع من الغرور قد يرقي لمستوى النرجسية.

أهي صدفة من سنن الحياة ان اتجاوب باريحية مع هذا الصنف من البشر أم هو سلوك وتوجه دأبت عليه تلقائيا
ودون اختيار

فهل كانت علاقاتي المتكررة مع هولاء المبدعين ذوي الحس المرهف هي نتيجة صدفة أو مصادفة أم هو نتاج طبيعي لحركة قانون غير مرئي بلور سيرورة حياتي

لقد أرادت الأقدار الربانية أن تجمعني تلقائيًا وفي معظم محطات حياتي ب هدا الصنف من البشر المعني بغذاء الروح مما جعلني جد محضوض ب « الصدفة ؟ « التي جعلتني ألتقي بهم دون تخطيط مسبق .
وادا كان رابطهم المشترك هو ذلك الحس المرهف والإبداع في التعبير عن مشاعر الناس بطريقة او باخرى فان معظمهم يتحلون بالمرونة وحسن الخلق ، ساظل اعتز بصداقتهم على الدوام

لقائي مع المبدع الفنان حسن القدميري في أواسط الستينات

في شهر أبريل سنة 1966 اي أسابيع قليلة بعد التحاقي بالوظيفة العمومية كمهندس دراسات بقسم الاستثمار بوزارة الصناعة ، رافقت سيدة فاضلة رحمة الله عليها لازلت أعدها مقام والدتي ،في الذهاب لمدينة مكناس لحضور حفل عائلي لم اكن مدعوا إليه .
وهناك ساتعرف على شاب يتوسط مجموعة من المدعوين المعجبين باتقانه للعزف على العود وهم في قمة التجاوب مع إبداعاته عندما يغني تارتا « الشعبي » وتارتا « الملحون » وتارتا « الشرقي » باتقان و شاعرية

وتلقائيا وجدت نفسي ابادله الحديث ،عند فترة الوقفات، معبرا له عن إعجابي بأدائه المتميز خاصتا أغاني الملحون ،لم اكن اعرف انه من مواليد مدينة مكناس التي تعد الحاضنة لهذا التراث المغربي الخالص

وتريد الأقدار أن ينتج عن هذا التقارب العفوي بيننا ان يتشجع صاحبنا ويسالني « هل انتم عائدون مساء هذا اليوم الي الرباط  » فأجبته بالإيجاب فقال  » هل بالامكان ان اصحبكم على متن سيارتكم بدلا من تنقللي بالحافلة ؟ »،فرحبت به ولم اكن اعلم اي شيء عن شخصه وعن ظروف حياته

لكن حديثنا مسافة الطريق جعلني أطلع على اسمه وعلى وظيفته بالمكتب الشريف للفوسفاط الذي كان مقره انداك لازال بمدينة الرباط.

هكذا تم أول لقائي بالمبدع الفنان حسن القدميري والذي ستجمعني به صداقة اخوية على مدًا اكثر من نصف قرن حيث ساحضر حفل زفافه وحفل ازدياد ابنته المصونة سناء أواخر الستينات واكون احد مشجعيه على المزيد من الإبداع من خلال الاستماع وإبداء الرأي بخصوص الحانه في طور ولادتها واختيار الأصوات المقترحة لتأديتها
وقد سبق ان نشرت بجريدة « أخبار اليوم » عدد بتاريخ مقالا اروي فيه ظروف انطلاقة هذا المتألق في عالم التلحين الموسيقي وكيف سيتشكل ذلك الثلاثي المبدع الدي سيثري الوسط الفني المغربي باعذب الالحان
الخالدة التي لازالت وقد تظل تطرب المغاربة جيل بعد جيل

اليكم ما جاء في ذلك المقال والدي عنونته

« قصة ميلاد ثلاثي موسيقي مغربي مبدع في أواسط الستينات « 

‏‎في احدى الجلسات الطربية التي كنت أقيمها مساء كل يوم ببيتي أواسط الستينيات،وعند انتهائنا من ترديد أغنية « فكروني »وهي من روائع الموسم آنذاك للسيدة أم كلثوم و من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب،فاجأنا المرحوم علي الحداني بملاحظة لم نكن ننتبه لخصوصيتها.
‏‎ »هل لاحظتم ما جاء في كلمات هذه الاغنية من مفارقات ؟ انها تقول الشيء وضده « 
‏‎قلت كيف هذا؟ قال رحمه الله، وهو الذي كان يحضر معظم جلساتنا تلك التي كان يتحفنا فيها الأخ حسن القدميري بترديد اغاني ام كلثوم من قبيل الأطلال، فكروني، فات الميعاد ،اسال روحك ،الرباعيات .
« 
‏‎لاحظوا معي ،يقول المرحوم علي الحياني « ان الكوبليهات الأولين يسجلان كيف جاء من يذكر ذلك المعشوق بذكريات موجعة حيت يتحسر  » صحوا نار الشوق في قلبي وفي عيوني » معقبا
‏‎ « بعدما صدقت انى قدرت انسى ،جاو بهمسة و فكروني »
‏‎ثم يأتي في الكوبليه الأخير ويتنكر لكل تلك المؤاخذات حيث يقول  » فكروني زاي ؟ هو انا نسيتك ؟ انت اقرب مني لي يا هنايا مهما كنت بعيد علي او معايا … » أليس هذا يعني قول الشيء وضده؟!! »
‏‎سكت مهلة للتأمل ثم قال « ما رأيكم لو أعمل على توظيف هذه الفكرة في قالب مغربي ؟ »

‏‎بالنسبة لي كانت هذه ملاحظة قيمة من شاعر جزل في أول مشواره الشعري ،لم أتوقع ما سينتج عنها لاحقا من ابداع وتالق ،حيث سيفاجئنا في الجلسة الموالية قبل تفرقنا في منتصف الليل ،ويقرأ علينا رحمه الله ما جاد به إحساسه وهو ينقل فكرة « فكروني » الى الدارجة المغربية حيث قال  » ياك الجرح برا وقلت لباس القلب نساك وجاي تفكرني…واللي تنساه اليوم خاف منو غدا ينساك .. »

‏‎وفي اليوم الموالي عدت لشقتي
‏‎ متأخرا شيء ما نتيجه عملي كمهندس مبتدئ بوزارة الصناعة ،.
‏‎كان الأخ حسن القدميري يسبقني إلى البيت، فوجدته يدندن بلحن لم يسبق لي ان سمعته فقلت له « لمن هذا اللحن العجيب  » قال « هل أعجبك حقا ؟ » قلت جدا. قال هو من تلحيني ، فأنا ليلة البارحة بعد تفرقنا لم يأتني نوم فعملت على تلحين هذا المقطع الاول. لم اصدقه لان الاخ حسن القدميري كان لازال في بداية مشواره الفني ولم أقتنع بكلامه الا عندما نبهني إلى ان كلمات تلك الأغنية هي التي قرأها علينا علي الحداني ليلة الأمس.
‏‎فكان تعليقي  » اذا كان هذا من تلحينك فإنك ستكون لامحالة من كبار الملحنين بالمغرب . »وكذلك كان والحمد لله.

‏‎انها رائعة: » ياك الجرح برا ».
‏‎ التي سيؤديها المرحوم محمد الحياني باتقان ملحوظ هوالذي كان كذلك في مرحلة انطلاقته الموفقة الأولى.

‏‎وهكذا سيتشكل الثلاثي المغربي المبدع « علي الحداني- حسن القدميري – محمد الحياني  » في أواخر الستينات ليتحفنا باغاني ناجحة، اذكر منها « يا سيدي انا حر » ،و »بارد وسخون يا هوى » و « لا سماحة يا هوى » و  » مالي ومال التنهيدة « ،حيث سيوظف فيها على الحداني فكرة « الشيء وضده » من قبيل بارد وسخون التي ستكون أغنية الموسم الأولى سنة 1972 .
‏‎رحم الله المبدعين علي الحداني ومحمد الحياني واطال الله عمر اخي الفنان حسن القدميري ،الذي سيتحفنا لاحقا بألحان تعتبر من روائع الأغنية المغربية اذكر منها لا على سبيل الحصر » وعدي يا وعدي » لسميرة بنسعيد و « ياجارة وادينا  » للمرحومة رجاء بلمليح. و »ما تاقشي بيا « لعبد الهادي بلخياط.

‏‎إدريس الكتاني
‏‎سفير سابق.

لاكن ،يقول مخاطبي بعد قراءته المقال « ما سر تنظيمك لتلك الجلسات الموسيقية الشبه يومية التي كانت تمتد إلى مابعد منتصف الليل ومن كان يحضرها ؟ فذكرته بعودتي من مكناس الى الرباط صحبة الأخ حسن القدميري وان تلك الرحلة التي تمت بالصدفة ستمكنني من التعرف عليه وعن ظروف عمله وسكناه المتواجد قرب مقر الإذاعة
وكوني كنت في تلك الفترة حديت العمل بالرباط وكوني كنت لاول مرة اعيش بمفردي بعيدا عن العائلة فاقترحت عليه أن يزورني بعد انتهاء عمله كلما امكنه دالك .وهكذا توطدت علاقتنا وتكررت لقاءاتنا لدرجة ان مكنته من مفتاح شقتي القريبة من محطة القطار الرئيسية بشارع محمد الخامس ، كوني أعود من عملي متأخرا عكس توقيت عمله الذي كان محددا بدقة .
ومع مرور الايام اخد عدد من الاقارب
والأصدقاء والفنانين معضمهم في رحمة الله يتداولون علينا تلقائيا وبدون تنظيم اوبرمجة ،اذكر منهم : على الحداني ,حسن الصقلي ,ابراهيم بنيعيش ، أمين الدمناتي الذي افتقدناه ضمن ضحايا احدات انقلاب الصخيرات الأليمة سنة 1971 وأفراد من العائلة المقربين
وكنا في جلساتنا الاولى نكتفي بترديد اغاني شعبية وأخرى من فن الملحون الذي كان الاخ حسن يتقن أداءها ايما اتقان كما سبق الدكر، الي ان اقترحت عليه ذات يوم ان نتمرن على بعض الأغاني للسيدة ام كلثوم التي كنت ولازلت من عشاقها المتتبع إبداعاتها التي كانت تتصدر المشهد الغنائي العربي من قبيل روائعها الأطلال، فكروني، امل حياتي، فات المعاد،
فكان جوابه « كيف لي ان اردد الأطلال متلا وانا لم ادرس اللغة العربية الفصحى نتيجة تكويني بثانوية بوليميرو المخصصة لأبناء المعمرين الفرنسيين بمدينة مكناس ؟ فقلت له « ها أنت تخاطبني بالعربية الدارجة بطلاقة والتي هي في الأصل اللغة العربية بنكهة محلية  » ورغم تردده لم أتوقف عند رفضه الفكرة واقنعته بخوض تجربة ترديد الكلمات كما ساسردها عليه
« يا فؤادي لا تسل اين الهوى…
…وكم كان اعجابي به وهو يتوفق في حفظ كلمات تلك القصيدة المعقدة بسهولة فاقت توقعاتي ، وكذلك كان بالنسبة للتمرن على عزف مقدمتها الموسيقية الرائعة.
والغريب في الامر هو اننا ادينا شطر هذه القصيدة الأول في جلسة نفس اليوم حيث تجاوب معنا الحاضرون بالترديد والإعجاب.
وهكذا بدأت انطلاقة غناء محددات
الاغاني للسيدة ام كلتوم بمجرد سماعها من « صوت العرب » اوبمجرد توصلي باسطواناتها وحفض كلماتها. فبعد « الأطلال » كانت الرائعة  » فكروني » من الحان محمد عبد الوهاب وبعدها « فات الميعاد  » لبليغ حمدي و « اسال روحك  » لمحمد الموجي … »
وامتدت تلك الجلسات المطولة بدون توقف ،من اوائل ابريل 1966 إلى غاية منتصف السنة الموالية حيث حدث .شيءٍ عجيب ام يكن في الحسبان.حيث أمسينا نلتقي كالمعتاد ونحاول ترديد الأغاني لكن دون جدوى.ذهبت منا نشوة الفرح وانطفأت شعلة المرح وأصبحت جلساتنا بدون طعم و غناءنا بلا جدوى .
ورغم أننا في تلك الفترة لم نكن نعني بالأمور السياسية ،إلا أن نكبة هزيمة حرب الستة أيام في شهر جوان سنة 1967 لم تمر علينا بسلام. حيث بقي وقعها يخيم على جلساتنا حتي دون ان نتحدث في الموضوع .
وهكذا تشتت جمعنا الغنائي وأصبحنا نلتقي في بعض المناسبات خاصتا وان الاخ حسن سيزدان بيته حديث العهد بازدياد ابنته البكر لل سناء في السنة الموالية ،لاكن هدا التغير في حياته الاجتماعية لم يؤثر علي عطائه الغزير في تلك المرحلة حيث سيبدع الحان من افضل ما انتجه
ادكر منها

اما اغنية « ما تقشي بي » فقد لحنها سنة 1972 وظللنا نرددها في لقاءاتنا العائلية ولم يسجلها عبد الهادي بلخياط الا فئ اواسط الثمانينات رغم ان الاخ حسن سبق ان أداها بحضوره بمنزلي سنة ابداعها ،بحضور المرحومين عبد العاطي أمنا والطنطاوي وهي الجلسة التي سيتحفنا فيها عبد الهادي بلخياط بعزف وغناء احدي روائع السيدة ام كلتوم بطريقة خاصة أبهرت الحاضرين وهي قصيدة نورة الشك من تأليف الأميرفيصل وألحان السنباطي .
ورغم بروز مجموعة ناس الغيوان و نجاحهم الباهر أوائل سنة 1972 خاصتا بعد عرضهم الاول على مسرح محمد الخامس فان اغنية “بارد وسخون” ستتصدر المشهد الغنائي حيت ستختارها دار الإذاعة الوطنية كأحسن أغنية لتلك السنة .
وبعد انتقال الاخ حسن الي مدينة الدارالبيضاء نتيجة تغيير المقر الرئيسي للمكتب الشريف للفوسفاط سنة 1973 أصبحنا نلتقي في عدد من المناسبات حيث عادتا ما كان يسمعني اخر انتاجاته .
وقد حدت سنة 1974 ان زارني ببيتي ليسمعني اغنيته الناجحة وعدي يا وعدي التي ستؤديها لاحقا سميرة بن سعيد التي كانت في بدءً مشوارها الفني .
وسينتج عن التعامل الفني بينهما الحدث الاتي

كما سيسمعني اغنيته المتميزه ياجار وادينا اوائل التمانينات وسيحدتني عن تعاونه مع مطربة ناشئة أديبة نتجت عنه تلحين هده الاغنية باللغة العربية وباسلوب يرقي الي ادواق المستمعين بكل ألعالم العربي

تعرفي علي الاستاذ عبد الوهاب الدكالي

وتريد الاقدار ان اتواجد بمدينة تونس عندما ستنضم بها حفلة غنائية كبيرة قامت وسائل الإعلام بالدعاية لها تهافت على حضورها جمهور تونسي غفير يطمح لمشاهدة ولأول مرة « مجموعة ناس الغيوان  » التي متلت مند انطلاقها ظاهرة متميزة قل نظيرها على المستوى المغاربي .وكان مبرمجا في نفس الحفلة مشاركة الفنان عبد الوهاب الدكالي الذي وصل بالفعل إلى تونس صحبة الأخ الفاضل المرحوم حسن الصقلي والذي سيعرفني بالاستاد الدكالي حيث ساستضيفها ببيتي عدة مرات قبل يوم الحفل .
وستصادف إحدى تلك اللقاءات يوم الإعلان عن خبر محزن ، الا هو نبأ وفاة العندليب المصري عبد الحليم حافظ بإحدى مستشفيات لندن يوم 30 مارس سنة 1977.وقد برمجت التلفزة التونسية تقديم اخر حفلاته ،مباشرةً بعد نشرة الأخبار المسائية
وهنا ستحدث مفاجأة لم أكن اتوقعها ، ‏كنا على طاولة العشاء بحضور عقيلتي وسيدة دبلوماسية تعمل بالسفارة المغربية ‏وبمجرد البدء في تقديم ذلك الحفل إذا بالأخ عبد الوهاب الدكالي سامحه والله يطلب مني بشيء من النرفزة أن اقوم بغلق التلفاز .لم افهم شيئا من ذلك السلوك المعيب ،كونه يفرض على الحاضرين عدم الاستماع لاخر ابداعات الفقيد ،باي حق يفعل هدا لكن ونزولا عند رغبته ‏بصفته ضيفا علي سأستجيب مرغما لطلبه فتنسحب عقيلتي التي كانت ترغب في سماع تلك الأغنية الجديدة إلى الصالون المجاور ‏الذي يتوفر على جهاز تلفاز اخر ، وما ان سمع استاذنا صوت المرحوم وهو يؤدي تلك الاغنية حتى انتفض في وجهي قائلا « الم اطلب منك غلق التلفاز؟  » قلت نعم ولبيت رغبتك كونك ضيفا ببيتي ، اما عقيلتي فهي غير معنية بطلبك « 
ما كنت اتصور ان الحقد بين فنانين من ذلك الصنف الرفيع قد يصل الي هذا المستوى الدنيء الذي لا يخمد حتى بعد الرحيل الابدي

حدت هدا ايام قليلة قبل تنظيم تلك الحفلة المشار اليها اعلاه.
كنا مرة اخرى على مائدة العشاء وادا باحد المنضمين التونسيين للحفل يلتحق بنا قبل الموعد المحدد ليطلب من الاستاذ الدكالي الالتحاق بالحفل على عجل كون الجمهور يرفض الاستماع لاي متدخل على المسرح ويطالب بحضوره حالا وليس في اخر البرنامج
كما هو مبرمج
فانبهر استاذنا لهذا الطلب وما هي الا بضع دقائق حتى كان بجانبي مع المرحوم حسن الصقلي وانا اسوق سيارتي بسرعة فائقة ، وقد تفاجأنا عند وصولنا لمكان الاستقبال خلف مسرح الحفل صراخ الجمهور الذي يصفر بدون انقطاع فإذا باستاذنا يقفز من السيارة و يصعد مباشرةً على خشبة المسرح بدون مقدمات ضنا منه أنه يتجاوب بتلك الطريقة البهلوانية مع رغبة عشاقه.
فادا به يستقبل بالمزيد من التصفير والصراخ  » انزل انزل انزل  » لم يسمح له بقول ولو كلمة واحدة خاصتا عندما قام بإشارة بيده تعني « اسكتوا  » فهمت على أنها تحمل شيء من الاحتقار .
ازدادت الصيحات والصغير والضرب بالاقدام على مدرجات خشبية انجزت خصيصا لهدا الحفل المنظم بالمعرض الدولي المحاذي لشارع محمد الخامس ماجعل كبير فرقة الامن يقول لي  » يجب ايجاد حل وبسرعة والا فقد يحدت لاقدرالله إنهيار تلك المدرجات ووقوع ضحايا بالمات

أخبرني هدا الاخير ان احتجاج الجمهورية لن يتوقف بسهولة لانه هو في الأصل على المنظمين لعدم حضور فرقة ناس الغوان من المغرب والتي انما اتى لرؤيتها لا لغيرها .فهمت من كلامه ان الاحتجاج ليس هو على الدكالي حيت لم يتوقف حتى بعد نزوله مرغما من على خشبة المسرح .
لم يستوعب استاذنا ما حدث فطلب مني ان اعيده للمنزل ،فنبهته الي كون انسحابه في هذه الظروف فد يجعل منه المسؤول عما حدت وقد يصبح شخص منبوذ بهدا البلد في حين انه غير مسؤول عما حدث كون المنضمون لم يفوا بتقديم القدر المالي لفرقة ناس الغيوان قبل الحفل كما هو متفق عليه
وكونك انت استجبت لدعوة المنضمين قبل ان تتوصل بمستحقاتك .تم اقترحت ان يقوم المرحوم حسن الصقللي بتوضيح هده الوضعية للجمهور وان تعود وتؤدي اغانيك بدون مقابل « .وكذلك كان

وحدت في جلسة سابقة ان سالته عن منجازاته الاخيرة في ميدان التلحين فقال انه في المدة الأخيرة كان منهمكا في إعداد أطروحتين لنيل شهادتي الدكتوراه فتعمدت سؤاله عن موضوعيهما فرد بشيء من الاعتلا  » خلاص خلينا دبا من هذا الموضوع »
تم وهو يذوق طعم الطاجين الذي أعدته عقيلتي وهي من أمهر الطباخين ،يلاحظ عنف  » ما هدا الطبخ ؟ انه ينقصه كدا وكدا من البهارات  » فقلت له بلطف « هل انت ملم بفن الطبخ لهدا الحد؟ » فقال « الا تعرف انني الفت كتابا في الطبخ المغربي ؟ » فبادرته « هل هو مطروح في المكتبات » فانتفض كانني قللت من شأنه « هل تظن ان مؤلفاتي هي من قبيل البيع في المكتبات ؟ ».

مرتا وهو يتحدث عن مدينة فاس قال « فاس معروفة بعائلتين كبيرتين » قلت من هما أجاب على الفور » هناك عائلة الدكالي … واخد يبحث عمن تكون الثانية ،ولازلت انتظر منه معرفة العائلة الثانية التي تعرف بها مدينة فاس بعد ان مر على هذا الحديث الشيق بمدينة تونس قرابة خمسة واربعون سنة .

وانا ادون هذه الأحداث والملاحظات التي لم يسبق لي ان حكيتها لخصوصيتها في شخص فنان كبير ابدع لنا ألحانا خالدة ،اردت ان اشير الى هده الظاهرة الخاصة التي تميز بعض المبدعين ،فلربما إحساسهم المرهف وابداعاتهم ووقعها على المتلقين تجعلهم يشعرون انهم متفوقون في كل الميادين وان لهم إلمام بكل المواضيع كونهم من طينة العباقرة المغمورين .
ان هدا الصنف من النرجيسيين لا يقبل بان يتفوق عليه انسان او يضاهيه بشر في اي مسعى من مسعاه.
نجد شىءا من هدا التصرف في شخصية وسلوك المغفور له الحسن التاني .ذلك العبقري الدي كان يبهر مخاطبيه بفصاحته وبراعة تحليلاته السياسية وفي نفس الوقت كان ملما بكل ماهو ادبي او علمي او ديني او فني حيث كان يقوم بإلقاء دروس في الحديث ويخترع أجهزة في الميدان الطبي
ويسير الاجواء الموسيقية ويعزف علي الة الاكورديون ويقود الطائرات ويسير فرق كرة القدم ،طبعا لم يكن يحالفه التوفيق في كل هده الميادين لاكنه كان رحمة الله دائما مستعد للخوض فيها

وهنا سأتوقف عند مشهد عشته في اواخر السبعينات حيث استضافت لمأدبة عشاء ثلة من كبار أطر الدولة المعنيين بالشؤون المالية والاقتصادية وحضرها احد المبدعين من رواد الأغنية المغربية الحاليين .وكان جميع الحاضرين يتوقون لسماعه خاصة وهو يتقن العزف على العود ، لكنه بدلًا من دالك ، فضل أن يدخل معهم في نقاش حول القضايا الاقتصادية الكبرى رغم انه لم يكن ملما بها، مما جعلني بعد ذلك اللقاء اسائله « اليس من العبت ان تهجر ميزاتك الابداعية الدتي تتفوق فيها على كل الحاضرين مهما علي شانهم وتفضل الخوض في مواضيع شائكة هي من صميم اختصاصاتهم والتي لا تتوفر فيها ولو على الحد الأدنى من المعرفة ؟ »
ها قد جعلتهم يتفوقون عليك بدلا من ان تكون انت المتفوق الدي سيجعلهم يستمعون إليه بانبهار،عكس ما حدث « 

ومع مرور السنين ومعايشة نماذج من الأشخاص من هذا النوع .الغري، والتعمق في فهم تصرفاتهم تلك ،اهتديت والله اعلم الى تفسير دالك السلوك بالحالة المرضية النفسانية التي كثيرا ما تصيب المبدعين ،لدرجة جعلتني اتساءل  » هل يرتبط الابداع من قريب او بعيد بالنرجسية وهل يتغذى من آثارها ؟ « 

فكرة تنظيم زيارة السيدة ام كلثم للمغرب 1968

لقاءي بالمرحوم عبدالحليم حافض بفاس وببيروت وبالسيدة فاتن حمامة بالقاهرة

استقبال المرحوم حسن الصقلي والمبدع عبد الوهاب الدكالي بتونس 1977

تنضيم زيارة السيدة نعيمة سميح لدولة الكويت 1997

‏استقبال المطربة حياة الادريسي والمرحوم عبد المنعم الجامعي والفنان محمود الادريسي و المبدع مولاي احمد العلوي في ايطار
تنشيط ديوانية موسيقية بدولة الكوت1997-2001

ملاحظات وخواطر