Ancien Ambassadeur

الحسن التاني والريال

الحسن التاني والريال
حكي لي المغفور له الجنرال عبد الحق القادري قبل وفاته بقليل القصة الطريفة التالية ورخص لي بنشرها :
يقول الجنرال
لما عدنا لمدينة أكادير بعد رحلة طويلة وشاقة في جنوب المملكة كلفني المغفور له جلالة الحسن الثاني ان اوزع أظرفة تحتوي قدرا من المال في شكل هبة ،على المرافقين له في تلك الزيارة الميمونة من حراس ورجال أمن وسلطة ودرك ومسؤولين اداريين وعسكريين.
وهو تقليد دأب عليه رحمه الله في كل رحلاته داخل وخارج المملكة
اعطاني لوائح بأسماء المستفيدين كل منها بقدر معين وحقيبة تحتوي على ما يغطي القيمة الإجمالية لتلك” المكروميات “كما يصطلح عليها في المحيط الملكي.
وانا بالغرفة بالاوتيل بدأت اهيء واراجع الأظرفة حسب اللوائح لكن تبين لي في اخر المطاف ان هناك نقص من المال سيترتب عنه عدم توصل عدد من المسجلين باضرفتهم المعتادة وقد يحتجو بطريقة أو أخرى وقد يصل دالك لعلم جلالة الملك
فكنت إذا مضطرا أن ا فاتح جلالته في الموضوع وان اطلعه على قيمة الخصاص .
فاستغرب رحمه الله هذا الأمر كونه ، حسب قوله، هو من رتب اللواح واعد بنفسه القيمة الإجمالية
لكن رحمة الله عليه ،وبعد التأكد من الأرقام التي قدمتها له ، تريث قليلا وابتسم تم قال :كم قلت هو العدد الصحيح ؟ فقال الجنرال  » كدا درهما » فرد رحمه الله بما مفاده  » اتعلم ماذا قد يكون سبب الخطأ ؟ فانا اعد بالريال وانت تعد بالدرهم « 
انها لقصة طريفة تحمل في طياتها شىء من “التامغرابية” التي كانت تطبع شخصية هذا الرجل حتى النخاع ، غفر الله له وأحسن مثواه .
كان الجنرال القادري رحمه الله من اقرب المقربين للحسن التاني ،فعندما ادخله جناح أمراض القلب بمستشفى ابن سيناء بالرباط وهو نفس الجناح الذي سيتوفى فيه الحسن الثاني لاحقا ،كان هذا الأخير يتصل يوميا وعلى نفس الساعة بالبروفيسور محمد بنعمر مستفسرا اياه عن أحوال الجنرال ومتابعا بدقة مراحل علاجه الذي استمر لأسابيع.
والغريب في الامر هو ان هدا البروفسور كان يتواجد مساء كل يوم بالقصر الملكي وكان بإمكان الحسن التاني ان يستفسر عن أحوال الجنرال دون الاتصال الهاتفي اليومي وعلى نفس التوقيت أي الساعة السادسة مساء .
مما يفيد أن جلالته كان يبرمج عمله اليومي بدقة متناهية
ويتتبع شخصيا بانتظام فايق أحوال اشخاص معينة لدرجة لا تصدق
وقد اطلعت علي عدد من الأحداث والمواقف التي تؤكد أن المغفور له الحسن الثاني كان « مبرمجا »programmeur دقيقا في حياته الخاصة والعامة ،حتى على المدى البعيد.
وقد أدلى لاحقا بما يؤكد ذلك عند الاقتضاء
ادريس الكتاني
سفير سابق بدولة الكويت