أنه ثمن اختيار ارتمائهم اللا مسؤول في أحضان اصحاب السلطة بدلاً من الوفاء لمن اوصلوهم إليها
اخطاء كبيرة أرتكبت من طرف قيادة العدالة والتنمية اكاد اجزم ان من أبرزها إن لم يكن أهمها هو موقفهم ألا-أخلاقي تجاه القضية الفلسطينية والتي أفقدتهم ما تبقى من مصداقية في أعين ووجدان الناخبين بما فيهم عدد وافر من اتباعهم و حتى من مؤيدي تلك المقايضة البغيضة ،بغض النظر عن جدواها
بدأ المحللون من مغاربة وأجانب منذ الإعلان عن نتائج تلك الانتخابات ،على علة ضروف استخلاصها المشبوه اصلا في نزاهته ، يتساءلون ويبحثون عن أسباب هذا السقوط المدوي الغير مسبوق في تاريخ الانتخابات بالمغرب لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية والدي يعد الوحيد الدي وصل لدواليب الحكومة بإرادة شعبية خارج التزوير المعهود
طبعا هناك التفسيرات العامة من قبيل مزاولة السلطة لمدة طويلة ، رغم أن هذا التفسير يبقى نسبيا لأن هناك من الأمثلة وحتى في عصرنا الحاضر ما يكذب هذا التعليل.
وهناك فشله في تحقيق
وعوده الانتخابية خاصتا محاربة الفساد في حين ان ذلك امر متجذر في المجتمع نتيجة سلوك وفكر مخزني يستحيل التصدي له دون التخلي النهائي عن ذلك الفكر السلطوي المهيمن من طرف أصحاب القرار
وهناك تفسير الصراعات داخل الحزب منذ ازاحة السيد بنكيران من رئاسة الأمانة العامة وهو شيء عملت السلطة على تأجيجه عندما منعت السيد بنكيران من تشكيل الحكومة لمدة ستة شهور نتيجة عدم قبوله الامتثال لشروط القصر عن طريق السيد أخنوش ،تم أتت بالسيد العثماني الذي لم يتردد وبتغطية من قياديي الحزب، في تطبيق التعليمات بدون أدنى تحفظ ، سامحه الله
وهناك تفسير اخر قليلا ما يشير إليه المحللون وهو تحمل مسؤولية التدابير المجحفة في حق العديد من الفئات الهشة من المجتمع والتي اتخذت على أعلى مستوى بخصوص فرض الحظر « العشوائي أحيانا « في إطار محاربة انتشار الكوفيد 19.
وهناك طبعا هيمنة وزارة الداخلية على العملية برمتها دون امكانية التأكد من صدقية النتائج المعلنة من طرفها في غياب محاضر عدد من مكاتب التصويت واحيانا اتلاف حتي اوراق التصويت .
هدا بالاضافة الي غض الطرف عن شراء الاصوات وتوزيع المصالح في غياب ادنى تدخل من السلطات المعنية
لكن كل هذه الأسباب وغيرها لا تعفي السيد العثماني وقيادة هدا الحزب الدي عقدنا عليه امال كبيرة ،من مسؤوليتهم ، اد هم الذين تسببو وبنسبة ملحوظة في هذا التقهقر الغير مسبوق ، كونهم لم
ينتبهوا إلى ما كانو بصدده ،وامينهم العام ينبطح ويلبي رغبات الجهات العليا، ناسيا او متناسيا ان لولا اصوات الناخبين لما كان له ان يحلم بالوصول لذلك المنصب السامي وكدالك اعضاء قيادة حزبه.
فكيف للسيد العثماني أن يتجاهل ما آل إليه مثلا من سبقوه من وزراء أولين ، انطلاقا من المرحومين بلافرج وعبد الله إبراهيم،(حالة خاصة ) مرورا بمحمد بنهيمة و احمد عثمان وعبد اللطيف الفيلالي وبعدهم عبد الرحمان اليوسفي الذي لعب دورا رئيسيا في انتقال السلطة ولم يشفع له ذلك الموقف التاريخي من طرف أركان الحكم الجديد .فكلهم رمي بهم خارج المشهد السياسي بمجرد أن انتهت صلاحيتهم.
ضمن كل هده الاسباب والتفسيرات يبقي حسب رأيي ،ان يكون السبب الرئيسي لهذه النتائج الكارثية الغير مسبوقة لهذا الحزب الذي وصل إلى رئاسة الحكومة بإرادة شعبية ومن منطلق ديني ، هو قضية التطبيع التي انخرط فيها السيد العثماني وعدد من أعضاء الأمانة العامة بتلك الطريقة المهينة ،ضدًا على ادبياتهم وعلي مبادئهم وعلى تعهداتهم وضدا على شعور الأغلبية الساحقة من المجتمع المغربي وحتى على معظم أفراد حزبهم ومؤيديهم من مختلف الأحزاب والتيارات .
، وإلا فكيف التفسير لهذا العدد الضئيل جدا من الأصوات المعبر عنها لصالحهم في هذه الاستحقاقات حتي لو بلخ مستوى التزويراعلي مداه ، كونه لا يرقى حتى لعدد أفراد القاعدة الصلبة لحزبهم وأنصارهم التقليديين ؟
قد يقول قائل إن عملية التطبيع قبل بها عموم المغاربة ولا يمكن أن تكون ذا وقع ملموس على الناخبين وبهذه الدرجة،لكن هذا الرأي المعبر عنه من طرف بعض المحللين لا يرتكز على معطيات ملموسة ،ناتجة عن استطلاعات الرأي تؤكد أو تنفي فرضيته.
وفي غياب إمكانية استعمال تلك الأدوات العلمية لاستطلاع الراي المحظورة في بلادنا رغم ما جاء في الدستور من مقتضيات تخص حق الوصول للمعلومة ،اتوقع ان معضم المغاربة لم يقبلوا بعملية التطبيع إلا على مضض ، وإن الضمير الحي لدى الاغلبية الساحقة منهم بالنسبة للقضية الفلسطينية ضل ملتهبا عن وعي “وحتى عن دون وعي” وأنه بمجرد أن سمح لهم بالتعبير عن سخطهم وتذمرهم لم يترددوا في معاقبة من شاركوا في تلك “الخيانة” بالأخص السيد العثماني و قيادة حزبه، وبتلك الطريقة المهينة
فالسيد العثماني ،حتى لو رأى مصلحة وطنية في تلك الصفقة، كان عليه ان يتجنب التوقيع شخصيًا على تلك الوثيقة المخزية التي تقبل بمعظم “شروط اتفاقية القرن” بما فيها التخلي عن المطالبة بالقدس كعاصمة لدولة فلسطين وحتي عن مرجعية حدود1967 وحق العودة ، كان بامكانه اقتراح السيد بوريطا متلا للتوقيع بدله ،معللا موقفه كونه “طلب منه” منذ مدة وجيزة التصريح بعكس ما سيوقع عليه .وما اعتقد إطلاقا ان هذا الموقف من طرفه كان سيؤثر على إتمام تلك الصفقة المطبوخة اصلا خارج دواليب الحكومة.
فذلك « أضعف الإيمان » حيت كان بالامكان ان نقدر موقفه اذا لم يستقيل من منصبه كونه فعل ذلك خدمة للوطن” وليس تمسكا بالمقعد « .
ان هذا السقوط المدوي لهذا الحزب ذو المرجعية الإسلامية والدي توخي فيه عدد كبير من الناخبين في المرحلتين السابقتين ، على الاقل التمسك بالاخلاق والفضيلة التي لم يلمسها في معظم من سبقوه في الحكم من بعض اليساريين والعلمانيين ، إنما جاء بالدرجة الأولى نتيجة ذلك السلوك اللاأخلاقي بغض النظر عن موقفهم المؤيد أو الرافض لتلك الصفقة .
لقد كانت طعنة عار في جبين السيد العثماني أجهزت على ما تبقى له من مصداقية،حينما جيء به للتلفزيون وجعله يصرح بكل وضوح أن موقف المغرب ملكًا وحكومة وشعبًا يرفض التطبيع والإتيان به أسابيع قليلة بعد ذلك لتوقيع اتفاقية تقر بعكس ما صرح به وما صفق له المغاربة بكل حرارة
ونحن نتساءل كيف للسيد العثماني وهو الطبيب النفساني أن لا يقدر حق قدره ما يمكن أن ينتج عن تناقض مواقفه في تلك الصفقة في ضمير ووجدان المغاربة بما فيهم مؤيدي حزبه
] كيف للسيد العثماني ان ينسى او يتناسى انه وصل الى رئاسة الحكومة عبر قاعدة انتخابية صوتت لصالح حزبه كونه ذا مرجعية اسلامية وأن أقل ما هو مطلوب منه أن يحترم مبادئ هذا الدين الحنيف .فأين هو من مكارم الأخلاق عندما يقول الشيء ويفعل ضده من أجل المصلحة حسب قوله ؟ وكانه ينسلخ من عباءته الدينية كلما أراد أن يزاول العمل السياسي.ولماذا كسب ثقة الناخبين المؤيدين للتيار الإسلامي إذا كان سيفعل كالآخرين ؟
ان ما يحزنني اليوم هو انه سبق ان
تلقى السيد العثماني تحذيرات واضحة من مغبة الانصهار في منظومة الحكم بتلك الطريقة المنبطحة ،لما يعتريه من مغريات وما ينطوي عليه من مطبات، حيث سبق أن أشعر منذ سنة 2007 بما سينتظر حزبه إذا ما التحق بالحكومة ودخل في تلك المنظومة الجهنمية التي تنوي إصلاحها من الداخل فاذا بها تغريه وتسحق إرادته وتجعله يرى الشر خيرا ،يقبل بالمظالم ويغض الطرف عن التجاوزات ويقبل التعايش مع من جاء اصلالمحاربتهم أي طلائع الفساد والاحتكار والتسيد و الاغتناء الفاحش الغير مشروع .
وها هو اليوم يؤدي ثمن خضوعه لمنطق المخزن واستسلامه لإرادته
لنتصور لو أخذ السيد العتماني وكبارمسؤولي ل هذا الحزب بما اقترح عليهم انداك حتى لا يسقطوا في فخ السلطة، لوان وزرائه وكبار مسؤوليه اكتفوا بما يناسب مداخيلهم المالية العادية وارجاع الفارق من رواتبهم المغرية واللأخلاقية رغم قانونيتها إلى صندوق تضامن مع الفقراء متلا ،لو انهم ضلوا يسكنون بيوتهم و يستعملون سياراتهم في الذهاب لعملهم ،لو انهم رفضو كل تلك الامتيازات المغرية التي تساقطت عليهم ، لما تورطوا في تطبيق ما يملى عليهم من قرارات مجحفة في حق أحرار هذا الشعب المقهور على امره والدين يرمي بهم في السجون لأسباب مفتعلة دنيئة ، ولما فقد السيد بنكيران متلا أهم ما يملكه أي مصداقيته عندما قبل بتلك “المنحة الملكية” المفرطة في اعين فقراء هذا ألشعب المقهور على امره ، وكأنها من خارج ميزانية الدولة .
هو الذي لازال يتباهى بالدفاع المستميت عن القصر والذي لم ينتبه بعد إلى ما هو معروف لدى أجدادنا على مدى قرون أن « لا ثقة في المخزن » وان هذا الاخير يمكن ان ينكل باقرب خدامه ولو أثبت طاعته له ك »عبد مشرط الحناك”
وها هو حزبهم يتهاوى
وها هي تجربة الإسلام السياسي في الحكم تتآكل بسبب إخفاقها المدوي في فهم واستطلاع ما هم بصدده
وها هو السيد العثماني خارج الخدمة لا ارى له أي مستقبل سياسي يذكر ولا حتى حياة اجتماعية معتبرة
فاعتبروا يا أولي الألباب
ادريس الكتاني
سفير سابق بدولة الكويت